ساندويتش سبانخ بالبيض

 أمي ربتني أنا وأختي وحدها بعد انفصالها عن أبي. وكانت تعمل في الصباح وتقوم بترتيب المنزل والطبخ والمذاكرة لنا في المساء. لذلك عندما استرجع الماضي اضع دائما في اعتباري أن أي شيئ فعلته هذه السيدة كان اعظم شيئ في الوجود. هذا لا يمنع ان بعض هذه الأشياء كانت نتائجها بالنسبة لي ليست اعظم النتائج في الوجود.

كانت امي تعد لنا الساندويتشات صباحا قبل ان تتجه الى عملها. وكانت تحاول التجديد والابتكار في هذا المجال. الا ان هذا الابتكار لم يأخذ ابدا في الحسبان كيف ساواجه زملائي بأكلات عجيبة بينما هم يأكلون جبنة رومي. خاصة عندما كان غذائي يحتوي على ساندويتش سبانخ بالبيض! واذا تغاضينا عن عدم حبي للسبانخ وان هذا الساندويتش باردا قد يدرج كاحد وسائل التعذيب الصينية، فنحن بصدد مجهودات رائعة من زملائي في السخرية من أكلي. واذا كنت اعلم وقتها بوجود شبيه راقٍ لهذا الساندويتش وهو الكيش لكنت تعاليت عليهم انني آكل حاجات فرنساوي.

هذا لم يكن الشيئ الوحيد الذي اختلفت فيه عن الجميع. بالطبع ان أكون بهائيا شيئ كافي أن يتعجب الجميع لأمري. لم ينقصني سوى ان اتنفس عن طريق خياشيم لأكون بالنسبة لزملائي طالب وافد في برنامج تبادل بين مدرستهم والمريخ.

تذكرت هذه الأشياء بسبب سؤال في رسالة من احدى قارئات المدونة عن ابنتي. كان السؤال “هل تصرح ابنتك انها بهائية في المدرسة؟ اليس هذا صعبا عليها ان تكون مختلفة عن المألوف؟” اعترف اننا كمصريين تنعدم لدينا تماما ثقافة التعدد. انا نفسي مازلت اعاني من تشبعي بأفكار مجتمع يرفض التعدد والاختلاف. من المهم جدا في مصر ان نكون كلنا “زي بعض”. سألتني سيدة مرة عن اسم ابنتي وهو اسم شرق اوروبي ولا يوحي حتى بالمسيحية، فكان ردها عل تصريحي به كأني ارتكبت جريمة “ليه كده بس يا استاذ دحنا مسلمين وموحدين بالله”

لم يكن اختلافي مشكلة كبيرة بالنسبة لي عندما كنت صغيرا. فالصغار لا يدققون ابدا في اختلافهم عن بعض. وكما قال جيري ساينفلد “عندما كنت صغيرا كان يكفي ان يتواجد طفل آخر امام المنزل لاعتبره صديقي”. ومع انني اكملت كل مراحل تعليمي في نفس المدرسة وسط نفس الزملاء، الا ان بمرور الزمن بدأوا يدركون أنني مختلف. وكان هناك في مرحلة المراهقة واثبات “الرجولة” بعض المضايقات السخيفة التي كان من الممكن ان يكون دافعها شكلي أو ملابسي أو حتى السبانخ، ولكن دافع الدين كان يمنح من يهاجمني تأييدا خفيا من الأولاد الآخرين، بل وحتى من بعض المدرسين.

نظرا لعدم امكانية دراستي الدين البهائي في المدرسة فقد كان علي اختيار اما الدين المسيحي او الاسلامي لدراسته. واختارت لي والدتي الدين الاسلامي. ومع انني كنت اعلن للجميع عن ديانتي الا ان كوني لست مسلما كان موضوعا يتجاهله مدرسي الدين تماما. مرة واحدة فقط في المرحلة الثانوية طَلَبَت منَي مدرسة الدين ان اتكلم عن البهائية وتحول الموضوع الى فوضى في النهاية بين محاولتها اثبات ان ديني هذا خاطئ وبين اسئلة زملائي التي انهمرت علي كأنهم كانوا ينتظرون كل هذه الأعوام لسؤالي عن ديني الذي اخذوه كواقع مسلّم به.

كان الماضي مع كل هذه الاشكاليات جميلا ومشرقا مقارنة بما نعيشه الآن. اصبح التعصب هو السمة الطبيعية للمجتمع ككل. سواء كان دينيا أو فكريا أو عنصريا. لذلك انا اشفق على ابنتي بالفعل لأنها تواجه اطفالا صغارا في الثامنة والسابعة من العمر لا يقبلون انها بهائية ويسخرون من دينها وانها “هتروح النار”. ابنتي تدرس في مدرسة دولية ولكن معظم طلابها من المصريين، والمنهج المتبع يتضمن الدين واللغة العربية بشكل اختياري. لقد قررت الا تدرس مادة الدين في المدرسة حتى اتجنب تعريضها لمهاترات اللي داخل الجنة واللي داخل النار. هي تقضي وقت الحصة في المكتبة. ونحن نحدثها من حين لآخر حول اذا كانت تشعر بضيق بسبب اختلافها عن زملائها ونناقشها حول هذا الموضوع. ولكن اعدكم جميعا انني لن ارسلها ابدا الى المدرسة بساندويتش سبانخ بالبيض.

14 comments on “ساندويتش سبانخ بالبيض

  1. mohamed tanna كتب:

    “نظرا لعدم امكانية دراستي الدين البهائي في المدرسة فقد كان علي اختيار اما الدين المسيحي او الاسلامي لدراسته. واختارت لي والدتي الدين الاسلامي”
    لماذا تم الأختيار للدين اللاسلامى ؟

    “لقد قررت الا تدرس مادة الدين في المدرسة”

    لو كانت سوف تدرس اللغه الدينيه ماذا سوف اخترت لها ؟

  2. egyptianbahai كتب:

    الأسباب التي قالتها لي والدتي هي ان الاسلام اقرب الى البهائية زمنيا، فالاسلام هي الرسالة السابقة للبهائية مباشرة. وأيضا هي تعلم اكثر عن الدين الاسلامي فسيكون فبامكانها مساعدتي.

    بالنسبة لابنتي فاذا كان الدين مادة اجبارية فكنت سأختار الدين الاسلامي لنفس الأسباب ولكن مع العديد والعديد من التحفظات. هل رأيت كتاب الدين الاسلامي لسنة ثانية ابتدائي؟ لقد فكرنا في امكانية ان تدرس ابنتي الدين وطلبنا الكتاب لنرى ماذا سوف تدرس. بعد ذلك تراجعنا عن قرارنا تماما.

  3. mohamed tanna كتب:

    و اين البوذيه و الخ و هذا بعد الاسلام و اعرف هتقول لى الدين الاسلامى و الدين المسيحى دو الموتحين الان فى المدارس ولاكن انا شايف انك ذاكر الزمن ارجو ايضاح معنى الزمن و كان عندى سؤال رقم 19 ؟

    و كفايه كده

  4. egyptianbahai كتب:

    البوذية تسبق الدين الاسلامي زمنيا بفترة كبيرة. والزمن هو ظهور الرسالة ومجيئ رسولها. زمنيا سيدنا موسى جاء باليهودية ثم عيسى بالمسيحية ثم محمد (ص) بالاسلام ثم حضرة الباب بالبابية ثم حضرة بهاء الله بالبهائية

  5. Bilo كتب:

    When I was in school, they prevented me from attending both Christian and Islamic classes, so I became as an outcast. I was left alone in the school yard during that period of religion classes. Not knowing what to do, I ended up playing basketball and became quite good at it to the extent that later on when attending the university I was recruited by Alexandria’s Sporting Club for their basketball team and was given free membership to the club. Ironic!

  6. لآ اله الا الله محمد رسول الله كتب:

    اشهد ان لا اله الا الله و ان محمد رسول الله
    اشهد ان لا اله الا الله و ان محمد رسول الله
    اشهد ان لا اله الا الله و ان محمد رسول الله
    اشهد ان لا اله الا الله و ان محمد رسول الله

  7. egyptianbahai كتب:

    الى السيد الفاضل صاحب التشهد المتكرر… حسنا… وأنا أيضا اشهد بأن لا اله الا الله… وأن سيدنا محمد رسول الله… ثم؟ هل أردت ان تقول شيئا؟

    الى بيلو… هل تعتقد انك كنت ستشعر بسعادة اذا سمحوا لك بدخول حصة الدين مع أي من الديانتين؟ وأن تضربك المدرسة على ظهر يديك بعصاة غليظة لأنك لم تحفظ الآيات من قرآن أو انجيل؟ ان حال التعليم عموما في مصر هو الذي يتجه بهذا البلد الى القاع، ولكنني كنت دائما اتعجب من حال التعليم الديني وكيف يتحول حفظ الآيات الروحانية والتحلي بالصفات الحميدة الى عمل كريه بسبب هذا الأسلوب في التدريس الذي لا يتناسب مع قدسية المادة

    سعيد ان تحولت ازمتك الى شيئ ايجابي

  8. Bilo كتب:

    Dear Egyptian Baha’i,

    If I was forced to attend these classes I would have done so because it was the right thing to do, just like attending other classes on the curriculum. Whether I would have liked the class or not? I must say that it would have depended on the teacher and the way it were to be taught. We had a Sheikh teaching Islam classes in our school. He would kick me out of the classroom on his arrival then on his way home he always went to my father’s office and complained to him that I did not show up for his classes!

    Incidentally, I failed the socialism subject curriculum in my first university year! I had to re-take that examination late summer…I guess as a punishment!

  9. A Baha'i in the Diaspora كتب:

    There is an enquiry on the significance of number 19 in the Baha’i Faith. The answer is that the Bab, who came to prepare humanity for Baha’u’llah (the Messenger of the Baha’i Faith), developed a simple calendar which uses a 19-day month and a 19-month year (361 days), to which he adds 4 intercalary days in a simple year, and 5 inercalary days in a leap year. This calendar is simple in a sense that, unlike the Gregorian calendar which is not uniform as to the number of days in a month (e.g. 31 for January, 28 for February, 30 for April, etc), it assigns 19 days uniformly for each month. The calendar is also quite predictable, unlike the lunar calendar where the moon must be spotted to declare the beginning of a new month. A lunar calendar was something easy to keep for the nomads who live in the desert in isolation of other human beings. But, as it is the case today, we need a system than gives you accurate dates well into the future, such as what is needed by air travel business where tickets are booked well ahead of travel time. Other than the Calendar, number 19 does not have any relevance in the daily life of a Baha’i. I hope that I have thus answered this question.

  10. A Baha'i in the Diaspora كتب:

    I would like to give the same friend who stated that Buddhism came after Islam, the following panorama:

    Krishan (the founder of Hinduism) came 2500 years before Christ
    Ibrahim came about 2300 before Christ
    Mousa came about 1300 before Christ
    Zoroaster (Zuradasht) came 750 years before Christ
    Buddha came about 650 years before Christ
    Christ started to teach His Message 30 years after His birth
    Muhammad (SAWS) started to receive the Qur’an around the year 610 AD (after the Birth of Jesus Christ)
    Baha’u’llah declared His Mission in public on 21 April 1863 AD

    Some people may question the legitimacy of the Far East relgions, i.e. Hinduism, Buddhism, and Zoroastarianism. But let us remember that the population of those countries is 3.5 billion of the world’s population of 6 billion. Is it then proper or fair that God sends His guidance only to the people of the Middle East (which do not exceed 150 millions today), and leave the majority of humanity in the darkness? We also know that each religion sent from God gives rise to a civilization that bears its name. So, when Moses came, he established the Jewish civilization that influenced its time, including the philosopers of Greece. The same is true of Christianity which transformed the materialistic Roman Empire into the Holy Roman Empire, with its capital moved to Byzantine (Istanbul of today). Islam produced a magnificient civilization that pushed the progress of humanity by far. The scientists of the west started where Islam ended, they took the works of Islamic scholars (mathematicians, astronomers, and physcians – to mention but a few), and built their research on them. India, the crade of Hinduism, had a great civilization (notice the wonderful architecture and scientific achievements that the Arabs borrowed for their own civilization). The same is true of China and Japan, where Buddhism flourished. As to Zoroastarianism, it is a wonderful religion that came to be known to the Arabs as Majuus. But their prophet is related also to Ibrahim through his third wife Katturah, whom he married her after Sarah and Hajar. While the Qur’an did not mention this third wife, the Bible mentions here (in Genesis, or Sifr Al-Takween). Even the names of the six sons that she bore to Ibrahim are there. They moved to Mesopotamia (Iraq of today). It is from the followers of Zuradasht (Zoroasters) that the three wise men came to Bethlehem to welcome the birth of Babay Jesus (while the Jews were sleeping in their ignorance). It is also from the followers of Zuradasht that Salman Al-Farisi came to Arabia to delcare his belief in Muhammad (SAWS). the Qur’an refers briefly to the followers of Zuaradasht as Ashabu’l Rass, refering to River Rass (today’s River Araxes) where Zoroaster declared his religion. This River is located in the Western corner of Iran near its border with Azar-Bayjan and Turkey. Now, do we still have reasons to believe that there are great religions (that reared might civilizations such as Hinduism and Buddhism) which are not from God, and others that are from God? Or can we deny that those three wise men that welcomed Jesus, or Salman who walked thousands of miles on foot to welcome the Prophet of Islam, were guided by God?

  11. egyptianbahai كتب:

    This is a very comprehensive comment on both issues. I never really thought of the practical justification for the Baha’i calendar. I just believe that on such a new day when everything is made anew, it was only natural to have a new calendar.

    Thank you for your comments.

  12. العزيز بهائي مصري

    تعجبني كثيرا مدونتك
    أو بمعنى أدق
    مدونتك عجبتني قوي 🙂
    بدا لي مذهلا أن أقرأ عن تجربة المختلف عن المجموع في يومياته العادية
    البهائية تبدو لي من خلال حديثك ذات أفكار راقية , خصوصا فيما يتعلق بحب جميع الأديان و خصوصا جدا كتاب الأطفال التعليمي
    أعتقد أن الإسلام أيّد هذا الموقف بقوة لولا التشويه الظاهر من قبل الكثيرين لقيمة الإسلام الأصلية

    إيه تاني عجبني ؟

    أسلوبك الأدبي جميل و سلس
    أتمنى أن أسمع أكثر عن مواقفك اليومية و إنطباعات الناس من حولك
    🙂

    أحلى سلام

  13. ياسمين كتب:

    أعجبني كثيراً أسلوبك في التعبير وحسك الفكاهي العالي.

    صراحةً، أنا لا أعرف شيئاً عن الدين البهائي. سمعت أنه قريباً للإسلام ولكن لم أكترث فعلاُ لأن أقرأ عنه قبلاً ليس لأنه ديناً مختلف عن الأديان الشائعة بل فقط لأنه دين. لم أشعر أبداً بأي تعلق عاطفي أو روحاني بأي من الأديان. عائلتي اللبنانية مسلمة وعائلة زوجي المصري مسلمة ورغم الاختلافات الهائلة بين أفكار وتطبيقات العائلتين الدينية، إلا أن كليهما متعصب إلا حد ما للإسلام. أنا، كوني عاشقة للتمرد والاختلاف، أعلنت إلحادي.

    عندما كبرت أدركت أن بداخلي فعلاً شعور روحلني يجعلني أميل للإيمان بقوى عليا أو بإله أو كائن خالق، أي ما كنت تود تسميته… مع الوقت أحسست بشعور جميل عندما كنت أسمع المسيحيين يتكلمون عن الحب والتسامح والسلام وما شابه من السمات الإنسانية الراقية، إلا أني مع الوقت بدأت أشعر باستخفاف تجاه الفكر “المخلّصي” الذي يؤمن به المسيحيون.

    الآن، بعد الكثير من البحث الروحاني، أبقى مؤمنة بوجود الكائن الجميل الجيد الذي خلق الكون وأبقى مكذبة بأي من الأديان وفكرة الأنبياء والرسل والرسالة المسلم بها. أميل للإيمان بأن كل إنسان يوجد في نفسه رسالة طيّبة يختار إما أن يشارك العالم بها أو لا، والذي يشارك العالم هذه الرسالة الطيبة يكون من العظماء.

    آتي الآن إلى الحديث عن أطفالي. أنا لا أريد أن أفرض عليهم أي فكر وحقاً أود لو يستطيعون أن يتوصلوا إلى إيمانهم بنفسهم، لكن المشكلة هنا بالنسبة لي هي أنني أعتقد أنه أمر سادي أن نحاول تعليم الأطفال في سن المدرسة الإبتدائية والإعدادية أي أفكار دينية فالطفل في هذه السن يأخذ كلام الكبار على أنه من المسلمات وذلك حقاً يقلل حماسه للتفكير الحر والمستقل.

    ابني يبدأ ذهاب المدرسة في العام الدراسي المقبل وأنا… قلبي عإيدي…

    حقيقة مضحكة: وجدت مدونتك وأنا أبحث عن طريقة لعمل السبانخ :))

  14. أنا كنت بعمل بحث على الجوجل عن طريقة عمل السبانخ بالبيض بس للأسف مكنتش أعرف انها مدونة بتحكي عن البهائية، لا حول ولا قوة إلا بالله من هو المدعو بهاء الله وعلى أي أساس ينسب هذا الاسم مع لفظ الجلالة !!! بخلاف ان بعض المعلقين بالأعلى أشاروا عن البوذية والهندوسية واختلاف الزمن,,,
    البوذية والهندوسية وغيرها من الديانات الموجودة غالباً بشرق آسيا هي عبادة وثنية للأصنام والحيوانات مثلاً البقرة تأتي باللبن فتكون هي رب اللبن والعياذ بالله وذلك ناتج عن قلة الوعي بسبب حالة الفقر الشديد وقلة المستوى التعليمي لمعرفة الخطأ من الصواب، ولكن ما البهائية … عزيزي الكلام واضح جداً اليهودية والمسيحية والإسلام هي ديانات منزلة من رب العباد، ولا تتطرق لموضوع لماذا المسيحيون لا يعترفون بالإسلام وهذا الكلام، هذا موضوع يطول شرحه والكل يعرف به، ولكن أن تبتدعوا ديانة تسمى البهائية … لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وأحمد الله على نعمة الإسلام وعلى نعمة العقل.
    بهاء الله هههههههههههههههه بيبيع ايه ده !!!!!!!!!!!!!!!

أضف تعليق